هي إنتاج مجموعة من العملاء والأجراء والخونة … تَسَلَّلت إلى حركة فتح العظيمة … أُمُّ الفدائيين والشهداء والجرحى والأسرى … وتَسَلَّقَتْ إلى قمة هرمها بالخداع والمكر والرياء والنِّفاق والمراوغة … ومدَّت أذرعها ذات المخالب المُسِمَّةِ … لِتَنْقَضَّ على منظمة التحرير الفلسطينية … لتبديل ميثاقها الوطني … وتغيير أهدافها الوطنية والقومية السامية … التي أُسِسَتْ من أجلها … وهي تحرير الوطن من براثن الصهاينة اليهود … والسيطرة على الصندوق القومي الفلسطيني … لتمويل أزلامها … ولِتتحكم في أرزاق وأعناق الملايين من أبناء شعبنا العربي الأصيل … واستخدام الأموال الممنوحة للضغط على فصائل المقاومة المسلحة والشنتاج للقوى الوطنية السياسية.
خيوط المؤامرة
في بداية السبعينيات من القرن الماضي … وفي ظلِّ أجواء الأزمة اللبنانية الخطيرة … وهبوب رياح الحرب الأهلية … والمواقف العدائية لغالبية القوى اللبنانية اليمينية العشائرية … اتجاه تواجد القوى الفلسطينية على أرض لبنان … أدركت هذه القوى أنَّ البقاء في لبنان أصبح مرهون بعامل الزمن، وعليها أن تتحرك وبالسرعة الممكنة… وبناءً على ذلك أصدر محمود عباس ( أبو مازن ) كما يحب مخاطبته توجيهاته إلى جرادينه … بالتحرك بسريَّةٍ تامة … في مجاري الحركة الصهيونية العالمية … وبالوعات المنظمات اليهودية … للبحث عن همزة وصل بينها وبين عناصر إسرائيلية.
تأزم الوضع اللبناني ودخول الجيش العربي السوري الى لبنان لحماية الأمن والأمان والنظام بقرار من جامعة الدول العربية… أصبح الوضع مقلقاً للقيادة الفلسطينية، ولم يكن ذلك ما تريده المنظمة.
هنا تضاعفت قوة التيار الإستسلامي الذي يقوده أبو مازن … وفي مارس١٩٧٧ قرَّر طرح موضوع الإتصالات السرية بعناصر إسرائيلية بعد جهود مضنية من الإغراءات ومحاولات إقناع بعض المُعَيَّنين من ضعاف النفوس والفاسدين والإنهزاميين وأصحاب المصالح والمنافع والرواتب والمكاسب … وفي ١٢ مارس ١٩٧٧ أصدر المجلس الوطني قراره بالسماح بإجراء الإتصالات مع عناصر إسرائيلية وصهيونية وأمريكية وأوروبية ( قرار غير شرعي ) فالشرعية هي إجراء استفتاء عام للشعب الفلسطيني بجميع أطيافه الوطنية وقواه السياسية والدينية والإجتماعية فهو قرار يتعلق بمصير حاضر ومستقبل القضية والأجيال.
وعلى التو … أصدر أبو مازن توجيهاته وتعليماته أو بالأحرى أوامره بمعرفة أبو عمار إلى مدراء مكاتب المنظمة بالبدء في إجراء اتصالات مع عناصر إسرائيلية هامة ويهودية .
لقد واجه بعض الذين تسرَّعوا وقاموا بالإتصالات مع أعداء الأمة المحتلين الطغاة مقاديرهم المأساوية:
* تمَّ اغتيال ” رؤوف القيسي ” مدير مكتب منظمة التحرير في باريس.
* تم اغتيال ” علي ياسين ” مدير مكتب منظمة التحرير في الكويت.
* تم اغتيال ” سعيد حمامي ” مدير مكتب منظمة التحرير في لندن.
* تم اغتيال ” د . عزالدين قلق ” مدير مكتب منظمة التحرير في باريس. ( للمرة الثانية ).
* تم اغتيال ” إبراهيم عبد العزيز ” مدير مكتب منظمة التحرير في قبرص.
* تم اغتيال ” نعيم خضر” ممثل المنظمة في بروكسل.
* تم اغتيال ” ماجد أبو شرار ” مدير مكتب منظمة التحرير في روما.
تتضارب المعلومات وتحوم الشكوك حول الجهة المنفذة لهذه الإغتيالات الدرامية … معلومات تقول أنه جهاز الموساد لأن قيادات الكيان الإرهابي لم تكن راغبة في ذلك … ومعلومات أخرى تعزيها إلى القوى الوطنية الفلسطينية التي اعتبرتها خيانة عظمى.
القنوات السرية لخونة القضية
بين عام ١٩٨٦ – ١٩٨٨ كانت “منظمة التحرير الفلسطينية !!! ” نشيطةً في اتصالاتها السرية … على أكثر من ٥ قنوات مباشرة مع عناصر من دولة الكيان الصهيوني اليهودي العنصري المحتل … تحت غطاء قرار صدر من المجلس الوطني الفلسطيني … قرار انهزامي … مخادع وماكر … تضمَّن الإشارة إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة لتسهيل مروره من قبل الفصائل … لم يكن في هذه الحقبة من الزمن إسرائيلي واحد يؤيد فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة.
بعد فترة سنتين من الركود والسكون والهدوء من تصفية العميل الناشط عصام السرطاوي في مدينة لشبونة … عادت قنوات الإتصال السرية إلى أوج نشاطها ومن أهمها:
١- قناة الإتصال السرية التي يقوم بالإشراف عليها مباشرة وإدارتها المتخاذل والعميل محمود عباس .
٢- قناة اتصال سرية مهَّدَ لها وزير الخارجية السابق ” جورج شولتز ” … كان الطرف الفلسطيني فيها ” د. وليد الخالدي الأستاذ بجامعة هارفرد … والطرف الإسرائيلي أبا إيبان “.
٣- قناة اتصال نشيطة في القاهرة يقودها مندوب المنظمة في القاهرة ” سعيد كمال ” بتشجيع وتوجيه ودعم المستشار أسامة الباز ومصطفى خليل.
٤- قناة اتصال سرية من مجموعة رجال أعمال فلسطينيين تحفظوا على أسمائهم خوفاً على مصالحهم في بلدان عربية وخاصة دويلات الخليج … وأوكلوا مهمة الإتصال إلى ممثلين لهم … وقد تم لقاء مع مسؤولين إسرائيليين كان من بينهم ” أفرام سنينه ” وزير الصحة في حكومة رابين و ” دافيد أليعازر ” وزير الإسكان و ” شولاميت ألوني ” نائبة رئيس الوزراء ، التي كانت متشابكة مع أكثر من قناة سرية .
٥ – قناة اتصال سرية قام فيها بنشاط زخم المرتد”بسام أبو شريف ” أهميتها تنبع من أنه مقربا من أبو عمار ومستشاراً له … قام في عام ١٩٨٧ بنشر مذكرة تتضمن حلولاً جريئةً لحل الصراع العربي – الإسرائيلي حظيت باهتمام واسع إقليمي ودولي … فيها إشارة تلميح وشبه تصريح تقريباً على استعداد منظمة التحرير الفلسطينية للإعتراف بحق إسرائيل في الوجود داخل حدود آمنة ومعترف بها ( أقصى درجات الخيانة ) . وقد قام المذكور بإرسالها بخط يده إلى الثعلب الصهيوني البولندي العنصري بامتياز شيمون بيريز الذي دخل فلسطين بتأشيرة عمل.
٦- كانت هناك أيضا محاولات فردية لمد قنوات اتصال مع عناصر إسرائيلية منها محاولة مندوب المنظمة في جنيف ” نبيل الرملاوي ” الذي قام بمقابلة ” عزرا وايزمان ” رئيس دولة الكيان الصهيوني آنذاك .
كانت هناك لجنة في تونس تتابع عمل هذه القنوات وتحلل نتائجها وتناقشها مع أبو عمار، وكانت تقع مسؤولية هذه اللجنة على عاتق أبو مازن وهاني الحسن .
كان هناك نشاط كبير للمليونير الفلسطيني حسيب الصباغ لإقناع عرفات بالإعتراف بإسرائيل تحت ظل قرار التقسيم.
ضمن عشرات القنوات السرية ظهرت في أواخر شهر سبتمبر ١٩٩١ في القاهرة قناة اتصال جديدة ظهرت بدون تخطيط أو قصد أَدَّت إلى توقيع اتفاقية أوسلو الكارثية.
بدأتها ملحقة دبلوماسية نرويجية بسفارة النرويج واسمها ” مونا جول ” شارك فيها كل من:
١- الملحقة الدبلوماسية الشابة ” مونا جول ” في سفارة النرويج بالقاهرة.
٢- الباحث النرويجي ” تاريه رود لارسن ” جاء بدوره إلى القاهرة قاصداً غزة برعاية هيئة الأونروا … تعرف على مونا جول فبحثه الذي جاء من أجله واقع في اختصاصها.
٣- يوسي بيلين الذي أصبح وكيلا لوزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط لوزير شيمون بيريز بعد نجاح حزب العمل في الإنتخابات وتشكيل إسحق رابين الحكومة.
٤- ” يائير هيرشفلد ” الذي كلَّفه يوسي بيلين بأن يقوم بالإتصال مع فلسطينيين من منظمة التحرير لأنه لا يستطيع الإتصال مع الفلسطينيين لأن القانون الإسرائيلي يمنع ذلك وقام لارسن بسؤال حنان عشراوي عن شخصية فلسطينية ذو ثقة ليقوم بالإجتماع مع ” هيرشفلد ” وقامت حنان العشراوي بترشيح ” أحمد قريع ” للقيام بذلك.
عاد لارسن إلى أوسلو وكان قد تزوج مع مونا جول التي عادت إلى وزارة الخارجية لتعمل في سكرتارية وزير الخارجية، وقاما بإقناع وزير الخارجية بأن تستضيف النرويج لقاء سري إسرائيلي – فلسطيني يكون الإسرائيلي ” هيرشفلد ” والفلسطيني أحمد قريع ورحب كثيرا وزير الخارجية بالفكرة.
كان أول اتصال ” لقريع ” مع ” هيرشفلد ” في فندق ( كافنديش ) بلندن وحرص على أن يحضر هذا الإجتماع ” عفيف صافية ” ممثل منظمة التحرير في بريطانيا. وكان أهم ما قاله قريع أنه سيعود لتونس ويتحدث في الأمر مع أبو مازن باعتباره المسؤول عن الإتصالات مع الإسرائيليين. بعد سماع أبو مازن لقريع أبدى رأيه:
* عمل القناة في أوسلو يمكن أن يكفل لها قدراً معقولا من السرية لا تلفت إليها نظر وسائل الإعلام العالمية.
* إن اهتمام وزير خارجية النرويج بهذه القناة … يعني أنَّ هناك حكومة أوروبية ترعى بنفسها ضمان سريتها وعملها
( وهذه الحكومة اشتراكية …وعضو في الدولية الإشتراكية … على صداقة بأصدقائها ).
* هام جداً: طلب ” أبو مازن ” من ” أبو علاء ” أن يحفظ لنفسه بسر هذه القناة … وألاّ يبلغ بها أحد في هذه المرحلة … بمن في ذلك ياسر عرفات.
ندين المواقف الإنهزامية والإستسلامية والتنازلية والتَّخاذلية الخيانية لسلطة أوسلو اللاشرعية ووزرائها وأتباعها ومناصريها الفاسدين والمنتفعين … ومشاركتها لسلطات وقوات الإحتلال الإرهابية في حصار الترويع والتجويع للتطويع على شعبنا الصامد الرافض المقاوم في قطاع غزة … نستنكر ونشجب التنسيق الأمني والإستخباراتي مع سلطات الكيان الصهيوني اليهودي الإرهابي المحتل … نقول لهذه الطغمة الفاسدة العميلة … أَنَّ فلسطيننا العربية التاريخية ليست هي الأراضي المحتلة عام ٦٧ … فلسطيننا العربية وطننا وحقنا التاريخي هي من البحر إلى النهر … فقد اتَّخذ شعبنا قراره الراسخ بأن المقاومة المسلحة والشعبية هي خياره الوحيد لتحرير الوطن من رجس الإحتلال الصهيوني اليهودي العنصري الفاشي المحتل ويطالب رئيس العمالة والخيانة وأزلامه بالرحيل … فالسلطة هي لجماهير شعبنا المقاوم شعب الجبارين … شعب العطاء والفداء .
لن نخضع ولن نركع …ما دام فينا طفل يرضع.
التحرير إرادتنا والقدس بوصلتنا والأقصى قبلتنا
